تلبُّس الجني بالإنسي ثابت بالنص والإجماع

خلاصة ما ذكره الكاتب د. حمود القثامي يأنه مقتنع بعدم دخول الجني في بدن الإنسي، ولو رجع -وفقنا الله وإياه- إلى أهل العلم طاعة لقوله تعالى (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (النحل 43)
لعلم أن دخول الجني في الإنسي أمر ثابت بالنص والاجماع عند أهل السنة والجماعة، وبيان ذلك فيما يلي:

أولا: قوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)(البقرة: من الآية275)
قال إمام المفسرين الطبري رحمه الله في تفسيرها: (يعني بذلك يخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه من (المس) يعني من الجنون اهـ.

وقال القرطبي رحمه الله وهو يشرح الآية نفسها: (في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس اهـ.
وكلام المفسرين في هذا المعنى كثير في كتب التفاسير.

ثانياً: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، ظاهر الحديث مؤكد لما في الآية الكريمة المذكورة، ولا يوجد دليل على أن الظاهر غير مراد، والقاعدة عند أهل السنة والجماعة هي العمل بظاهر النص ما دام لم يوجد دليل يصرف النص عن ظاهره.

ثالثاً: ذكر كثير من العلماء اجماع أهل السنة والجماعة على القول بتلبس الجني بالإنسي ومنهم ابن تيمية رحمه الله حيث قال ما نصه بعد كلام سبق: (ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي، وأبي بكر الرازي، وغيرهما دخول الجني في بدن المصروع، ولم ينكروا وجود الجن، إذ لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم كظهور هذا، وإن كانوا مخطئين في ذلك
ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم يقولون: إن الجني يدخل في بدن المصروع، كما قال تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) الآية.

وقال عبدالله بن الإمام أحمد: (قلت لأبي: إن قوما يزعمون إن الجني لا يدخل في بدن الإنسي، فقال يا بني، يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه، وهو مبسوط في موضعه) اهـ في الفتاوى (ج19 من ص9 إلى ص65).
وقال أيضاً رحمه الله: (وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق سلف الأمة وأئمتها، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، قال الله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) إلى أن قال رحمه الله: وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك..) الخ.. اهـ المجلد الرابع والعشرين من الفتاوى (ص276،277).

وفي الختام لا بد أن نشير إلى أنه ليس كل ما يدعيه الناس من تلبس الجني بالأنسى صحيحاً، بل ذلك تارة يكون صحيحاً في بعض الأحيان، ويكون غير صحيح في أحيان أخرى. بسبب أمراض تعتري الإنسان في رأسه .
أحمد بن محمد جعفري